كيفما كنتم، يولى عليكم، نعم الحكام لأشرف شعب !!!
عندما كنت مازلت شابا في العشرينيات من عمري كان يخامرني في الكثير من الأحيان شعور الأنا العليا، ليوهمني بأنني درست و نضجت ما يكفي لتكون لدي قناعاتي السياسية الصحيحة الخاصة، التي لا يأتيها الباطل لامن بين يديها ،ولا من خلفها،.. قناعات كنت أرى أنها تستحق مني نشرها ، والدفاع عنها، مثل ما كنت أفعل اتجاه كل مبادئي وأخلاقي التي كنت أؤمن بها .
و من بين هذه القناعات التي ترسخت في ذهني آنذاك كشاب يؤثر حماسه الزائد على رصانة عقله وتفكيره ،....كانت قناعة: أنه من واجبنا اتجاه الجزائريين بل من أوجب واجباتنا اتجاههم أن نعاملهم بالحسنى، التي أوصانا العلي القدير بها اتجاه كل جار ذي قربى... ، لأن وضعهم كان بالنسبة كجيران ، الأقرب من غيرهم، وكانت ترافق هذه القناعة ، قناعة سأكتشف فيما بعد أنها زائفة هي الأخرى تقول : أنه ليس هناك أدنى شك في أن الجزائريين يبادلوننا كمغاربة نفس شعور الأخوة الذي كنا نكنوه لهم .... ، وكنت نتيجة لذلك كالأحمق ، كلما سمعت أو رأيت الجزائر الدولة تثخن المغرب ضربا، وتتمادى في إجرامها وطغيانها اتجاهه في روتينها اليومي الذي لا تعرف القيام بشيء آخر غيره ، وهي تعتز و تتباهى بذلك كلما شاهدت ذلك ، أحاول أن أتذاكى و أتعقل : فألعن الشيطان عوض أن ألعن الجزائر ومن عليها، وكنت أغض الطرف وأصرف الإهتمام، حتى لا تهتز صورة الجزائريين بداخلي ، وأضطر لأفتح باب اللوم، و الحساب، ليكون مدخلا لشيطان الفتنة إلى قلبي، و يجعلني أعيد النظر في قراءتي لعلاقتنا بالجيران .
لذلك كنت أجدني أمام كل مايحصل، أترفع تلقائيا و أتحامل على نفسي لأجد اي مبرر، أبرء به الشعب الجزائري من دم وعرض وحقوق المغاربة التي تنتهك و تتلطخ بها يوميا يدا الجزائر في الصباح والمساء ، كنت أفعل ذلك وأحاول جاهدا إقناع نفسي انه لا يجب علينا مؤاخذة الجزائريين بما يقترفه سفهاء نظامهم، ،..وكنت أعتقد أننا نحن المغاربة والشعب الجزائري الإثنان ضحايا لحكام المرادية المجرمين ،
وأمني نفسي بقرب زوال هذا الغم و الهم ، بزوال هذا النظام الهمجي، وعودة مياهنا ومياه جيراننا لتجري معا في مجراها الطبيعي السابق...وتنسينا جميعا هذا الكابوس المزعج ، الذي سيذهب حتما إلى غير رجعة ، ....لكن مع مرور الأيام وتوالي السنين ...وانتشار وسائل التواصل الإجتماعي ..ظهرت الحقيقة بجلاء ،
وانكشف الغطاء عن شعب خاوة خاوة بكل شرائحه و أطيافه ، واكتشفنا أنه شريك في إجرام حكامه ، وأنه مهما أظهر لنا من اختلاف مع نظامه ، ومناصبته العداء له في تسيير حكمه ، إلا أنه يتفق معه تمام الإتفاق ...ويؤيده كل التأييد، الذي قد يصل إلى حد تشجيعه وتحريضه على الإعتداء على جاره المغرب، والنيل منه،
هذا الشعب الذي لا يتردد هو الآخر كلما سنحت له الفرصة في أن ينسى كل مشاكله وهمومه ليتفرغ لسب وشتم المغرب والمغاربة عبر مواقعه ، إسوة بحكامه.... الشعب الذي يسرق تراث جيرانه وينسبها لبلده أمام شاشات العالم ويتبجح بذلك ، دون أدنى حمرة خجل ، يفعلها وهو يعلم علم اليقين أنه يمد يده في جيب جاره ، الشعب الذي يرضى أن يلبس منتخبه قمصانا تحمل صور زليج مغربي لا تملك الجزائر في كل بلادها ولو صانعا واحدا يقدر على قطعه وتصفيف حجره وزخرفته .....الشعب الذي خرج في حراك في عهد بوتفليقة، وتجرأ لأول مرة في تاريخه ..ليرفع شعارات بلغت منتهاها لتتجاوز كل الخطوط الحمراء التي رسمها له العسكر شعارات نددت وأدانت حكم العسكر للبلاد رأسا ، ووصفته بأقبح النعوت ..وطالبت علنا بزواله ،
...لكن الحراك لم يرفع ولو مرة واحدة طيلة أيام التظاهر كلمة حق، أو شعار يندد أو يتبرأ من خلاله من تبني نظامه الظالم ، واحتضانه لدولة البوليساريو الوهمية المجرمة من أجل الإساءة لجاره ظلما وعدوانا ،....أو يطالب بطرد جمهورية الوهم المصطنعة من تيندوف على الأقل لتكف عن مص دماء ميزانية بلاده وتجفيفها ، ..وهذا وحده دليل كافي وشافي، ليثبت لنا أن الجزائري ونظامه العسكري يتفقان عن الإساءة للمغرب ..، وأن الجزائري لا يستحق منا أن نبحث عن مصلحته وتخفيف ما ألم به ، ..وهكذا تغيرت قناعتي مائة وثمانون درجة ...وانقلبت لتصبح : أن النظام الجزائري عندما يفتري ويشتم ويعتدي على المغرب ، فهو يفعل ذلك ، وهو مقتنع بأنه سينال بفعله هذا استحسان شعبه، لا استنكاره ، ولذلك فهو يتمادى ويبدع في طغيانه ضد بلدنا، لأنه يعرف أنه مسنودا في ذلك من شعبه ، وأن الإساءة لنا أصبحت مطلبا شعبيا جزائريا، وبسبب ذلك أصبحت أنا الآخر لا أفوت الفرصة للرد على الجزائر شعبا ونظاما كلما رأيت ما يستوجب ذلك.
وتحول كرهي للنظام الجزائري ، لحب، ليس لجمال عيونه ، ولكن لما يمتعني به وأنا أراه ينهب أموال الجزائريين ، وأنا أراه يقمعهم ،وأنا أراه يجلدهم ،و يوقف تنمية بلادهم ، و فوق ذلك لا يستعمل معهم غير لغة العصا لمن عصى....وأصبحت أتمنى بقاءه على رؤوس الجزائريين إلى يوم يبعثون.... ، وأكثر ما يعجبني فيه أنه يجهل السياسة ...ولن يستطيع مهما فعل أن يعطي للجزائر أية قيمة مضافة في حكمه ، .لأن فاقد الشيء لا يعطيه ...
.ويعجبني كذلك عندما يختار لهم من يترأسهم، فهو لا ينتقي كرئيس للواجهة المدنية ، غير الرئيس الحاصل على مؤهل: عديم الكفاءة، غير مستقيم ، من أصحاب السوابق في الإختلاس ، وذلك لكي لا يعترض على نهب النظام للمال، وحتى لا يقلب الطاولة على النظام ، ويحاول سلب الحكم من تحت أقدامه ، وهذا النوع المنتقى من الرؤساء حتى وإن كان نقمة على الجزائر والجزائريين فهو حتما نعمة على المغرب والمغاربة ..لأنه حتى وإن أراد إذاءهم فهو لن يعرف لذلك سبيلا لإنعدام كفاءته ، لإنشغاله بحسابات السرقة والنهب مع عصابته ، ...للجزائر اليوم نظام ورئيس ماشاء الله عليهما ، من أفضل ما اتمناه للجيران ، وأكيد سيقودانها معا إلى مزبلة التاريخ التي لا يعرفان اتجاها غير اتجاهها ليقودانها إليه .
بقلم nabil harbaz
تعليقات
إرسال تعليق