من يتكلم يقتل شعار ليس حبرا على ورق، بل رصاص وقذائف، تمزق كل من يتجرأ عليها بشوارع بدول بين لوكس، خاصة المدن الهولندية الكبرى الحاكم هي مافيا موكرو التي تسيطر على المشهد الإجرامي، حيث تنشط في تجارة دولية واسعة للمخدرات. وغسيل الأموال وتصفية الحسابات بالقتل.
فبعد من الطبيعي مشهد شخص يخرج من المقهى ينهمر الرصاص ليمزقه، وشاحنات تقتحم مكاتب ومؤسسات رسمية وخاصة، ثم تشتعل وقذائف قد تنطلق لتستهدف أشخاصا أو أماكن مع تصفية شخصيات سياسية ومجتمعية رفيعة بطرفة عين، كلها رسائل ترويع اعتادت أن تتركها مافيا لا تنشط بأحد بلدان العالم الثالث، بل في هولندا البلد الأوروبي المتقدم الذي ما عدا يؤتمن حتى على حياة رئيس وزرائه من مافيا تسيد وتميد وتحكم الشوارع السفلية رغم أن جنسية معظم قادتها وعناصرها ليسوا من الهولنديين أصلا والمفاجأة أن جلهم ينحدرون من أصول مغربية أعلى رأسهم زعيمهم الذي نجحت الإمارات بالقبض عليه قبل أعوام.
في هذا المقال سنذهب معا في جولة داخل السراديب المظلمة لعصابة موكرو مافيا التي جعلت هولندا تقف على قدم واحدة من ففي سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته سيطرت عصابة محلية تعرف باسم بينوزي على العالم السفلي في هولندا واشتهر من قادتها كلاس الملقب بذاب ريتشير ومع مرور السنين بدأت عصابات مهاجرة تصل البلاد نشرها عصابة ترايديز والأه كونج السنغافورية كذلك حضرت عصابة صربية ضارية لقبت باليوغوس يتزعمها سريتين يوشيش المعروف بيوت سا أمستردام، لكن كل هذه العصابات ما كانت لتوازي خطورة وضراوة موكرو مافيا، أي المافيا المغربية التي بزغ نجمها في مطلع الألفية الثانية، وتشكلت بداية من الشبكات المغربية القديمة العائدة إلى أيام مقاهي الحشيش، وتحدرت من شوارع الديامانت بورت أي حي الألماس. في جنوب أمستردام. وخلال فترة قصيرة، لم يعد أفراد تلك العصابة من المغاربة حصرا، وامتد نشاط العصابة المغربية إلى بلجيكا بعد الشراكة بين خفيينتي مارثا الأفريقي الكورساوي والمغرب بن عوف عدوي.
ومع وصول الهولندي من أصول مغربية رضوان التاغي لزعامة المافيا، تمكنت مورو مافيا من تسيد المشهد والقضاء على المنافسين. كما استحوذت تاغي وشبكته على ثلث تجارة مخدرات في أوروبا. وخطط للكثير من عمليات إطلاق النار القاتلة لتصفية الحسابات وإسكات الأفواه، ولم تقتصر نشاطات المافيا في عهد التاج على تهريب المخدرات أو تصفية وقتل نظرائه في أوساط الجريمة، بل طالت عملياته إلى صحفيين ومحامين، وكل من حاول فضح المافيا المغربية،
وامتدت الاغتيالات خارج حدود هولندا لتشمل كل التراب الأوروبي، إضافة لعمليات قتل في المغرب حيث هزت الرأي العام فيه وأبرز ضحايا التاجي كان الصحفي الاستقصائي الهولندي بيتر آردي فريس، المختص في كشف خبايا المافيات الإجرامية حيث قتل بخمس رصاصات من بينها واحدة في الرأس. كما أمر التاجي باغتيال المحامي ديريك ويرسون بمقهى لاكريم بمدينة مراكش المغربية كونه كان محامي الشاهد الرئيسي في محاكمة التاجي. وأخيرا اعتقل رضوان التاجي بدبي سنة 2019 واستمر خطر العصابة المغربية بعد أن وصل حد التهديد بخطف رئيس الوزراء الهولندي مارك رود، ما حدا بالشرطة الهولندية تجديد الحراسة على رئيس الوزراء، كما تم منعه ركوب الدراجة الهوائية خلال ذهابه إلى العمل.
ووسعت المافيا المغربية أنشطتها لتنفيذ تصفيات سياسية، وتحولت لأحد قفازات إيران القذرة لاغتيال المعارضين الإيرانيين. بينها قتل المنشق الإيراني محمد رضا كلاهي عام 2015 في هولندا، إضافة إلى مساعدة عملاء وجواسيس إيران على اغتيال معارضين آخرين في جميع أنحاء أوروبا، ورغم إنفاق السلطات الهولندية 1,000,000 دولار لتفكيك المافيا المغربية ورصد ميزانية هائلة وموارد بشرية كبيرة حتى اليوم من أجل القضاء على عصابة موكرو مافيا، لكن مساعي هولندا وكثيرا من دول أوروبا، تبقى عصية على وأد إحدى أخطر العصابات التي عرفتها القارة العجوزة جراء دوام استقطاب المافيا للشباب من أقليات عرقية في البلاد مما يعيشون في أغلبهم وضعية اجتماعية صعبة، وتفككا أسريا.
وقد وصل الأمر بعمدة أمستردام ونظيره عمدة روتردام، التحذير من أن ثقافة الجريمة والعنف في المدينتين أصبحت تقترب أكثر فأكثر لتأخذ الطابع الإيطالي. ما يشي بتطور أساليب المافيا المغربية لتحاكي قوة وبطش أخطر مافيا أوروبية على الإطلاق، كما ذهبت صحيفة جارديان البريطانية للقول بأن المافيا المغربية حولت هولندا بشكل جدا لدولة مخدرات من الجيل الجديد.